كاثار

الكاثار (باليونانيَّة: καθαροί) وتعني الطاهر، هي حركة مسيحية لها جذور غنوصية أو إحيائيَّة بدأت في منتصف القرن الثاني عشر. وانتعشت في بعض مناطق أوروبا الجنوبية، ولا سيما ما هو الآن شمال إيطاليا وجنوب فرنسا، بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر. كان يُعرف الأتباع باسم الكاثار، والآن يتم تذكرهم بشكل رئيسي لتعرضهم لحقبة طويلة من الاضطهاد من قبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، والتي لم تعترف بإيمانهم على أنهم مسيحيون. ظهر الكاثار في أوروبا في منطقة لانغيدوك بفرنسا في القرن الحادي عشر وهذا ما يظهر عند ظهور الاسم لأول مرة. كان يُعرف الملتحقين أحيانًا باسم ألبَجْنَسِيُّون أو الألبيجيون، تيمناً بمدينة ألبي الواقعة في جنوب فرنسا حيث بدأت الحركة فيها بالبداية. وتم تدريس الكاثارية في البداية من قبل قادة الزهد الذين وضعوا القليل من الإرشادات، وبالتالي، فإن بعض الممارسات والمعتقدات الكاثارية تنوعت حسب المنطقة وعلى مر الزمن. شجبت الكنيسة الكاثوليكية الممارسات الكاثاريّة، وقد اعتبرتها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية آنذاك طائفةً خارجة عن الدين المسيحي.

ربما تعود جذور حركة الكاثار إلى حركة بيلكانيون في أرمينيا وفي الأناضول البيزنطية الشرقية وبالتأكيد إلى طائفة البوغوميل التي ظهرت في حقبة الإمبراطورية البلغارية الأولى، والذين تأثروا بالبيلكانيون الذين أعيد توطينهم في تراقيا من قبل البيزنطيين. على الرغم من أن مصطلح الكاثار والذي أُستخدم لعدة قرون لوصف الحركة، الا أن الجدل حول إن عرّف الكاثار أنفسهم من خلال هذا المصطلح هو موضع نقاش. وفي نصوص الكاثار فإن مصطلحات «المسيحي الجيد» أو «الرجل الجيد» أو «المرأة الجيدة» هي المصطلحات الشائعة لتعريف الذات.

كانت فكرة الإلهين أو المبادئ، أحدهما جيد والآخر شر، أساسية في معتقدات الكاثار. وكانت هذه المعتقدات مناقضة للكنيسة الكاثوليكية التوحيدية، والتي كان مبدأها الأساسي هو وجود إله واحد فقط، منذ الأزل وإلى الأبد، غير مدرك، كلي القدرة وكلّي العلم، وهو خالق الكون والمحافظ عليه؛ وهو ذو وجود يشكل المبدأ الأول والغاية الأخيرة لكل شيء. بالمقابل آمن الكاثار بأن الاله الصالح هو إله العهد الجديد وخالق العالم الروحي. لقد اعتقدوا أن الاله الشرير هو إله العهد القديم، خالق العالم المادي الذي عرّفه العديد من الكاثار بالشيطان. وظنَّ الكاثار أن الأرواح البشرية كانت أرواح الملائكة غير المحُاصرين في العالم المادي للإله الشرير، ومن المقدر أن يتم تجسيده حتى يتحقق الخلاص من خلال التعزية، عندما يتمكنون من العودة إلى الاله الحميد. وآمن الكاثار بالتقمص أو تناسخ الآرواح.

منذ بداية عهده، حاول البابا إينوسنت الثالث إنهاء الحركة الكاثارية عن طريق إرسال المبشرين وإقناع السلطات المحلية بالعمل ضدهم. في عام 1208 قُتل المندوب البابوي بيير دي كاستيلنو في إينوس أثناء عودته إلى روما بعد إعلانه الحرمان الكنسي للكونت ريمون السادس من تولوز، والذي كان في نظره متساهلاً للغاية مع الكاثار. وثم تخلى البابا إينوسنت الثالث عن خيار إرسال المبشرين والحقوقيين الكاثوليك، وأَعلن بيير دي كاستيلنو شهيدًا وقام بإطلاق الحملة الصليبية على الكثار والتي قضت على الحركة الكاثارية بشكل نهائي.

ﻦﻛﺎﻣﻷﺍ